الموجز
جريدة الموجز

هل تصبح التأشيرة الخليجية الموحدة النسخة العربية من الشنغن؟ نظرة على مستقبل السياحة العربية

-

يشهد العالم تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا متسارعًا في كافة مجالات الحياة، وفي أثناء هذا التطور يظهر ما يُعرف باسم التأشيرة الخليجية الموحدة كأحد أهم المبادرات التي تحقق التكامل بين دول الخليج العربي، وتسعى هذه التأشيرة إلى تسهيل حركة السفر بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربي (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، وسلطنة عُمان)، وذلك عبر إطار تنسيق مشترك يوفر للمسافرين مزايا كبيرة على مستوى الوقت والجهد والإجراءات الإدارية.

تكمن فكرة إطلاق المشروع في رؤية خليجية طموحة لإنشاء سوق مشتركة متكاملة؛ بما ينسجم مع الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية لكل دولة من دول المجلس، كما أنها تعكس التوجّه نحو تعزيز السياحة بين الدول العربية، وتسهيل التجارة، وتعميق العلاقات الإنسانية بين شعوب البلدان الخليجية.

تفاصيل التأشيرة الخليجية الموحدة أو فيزا شنغن الخليج

تتمثل فيزا شنغن الخليج في كونها نظام تأشيرات موحد يسري على جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، أو بمعنى آخر؛ هي التأشيرة التي يحصل فيها المسافر على تأشيرة واحده تمنحه الدخول إلى أي من هذه الدول دون الحاجة للحصول على تأشيرات منفصلة لكل دولة.

تهدف هذه المبادرة إلى تسهيل حرية التنقل داخل الإقليم العربي، والترويج للسياحة البينية، ودعم الأعمال والتجارة المتداخلة بين شعوب الدول الأعضاء.

تُعتبر هذه التأشيرة نتيجة طبيعية لجهود مجلس التعاون الخليجي لتوسيع الحيز الجغرافي للسوق الخليجية المشتركة، وتشابك العلاقات بين الدول الأعضاء اقتصاديًا واجتماعيًا، وهنا يمكننا القول بأن هذا النوع من التأشيرات هو النسخة الخليجية من الفكرة الأوروبية التي استخدمت بما يُعرف بـاسم (فيزا شنغن).

أنواع التأشيرة الخليجية الموحدة

اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على إطلاق ما يُعرف باسم التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة (Unified Tourist Visa) والتي تسمح لحاملها من مواطنين الدول المذكورة من دخول جميع دول مجلس التعاون الخليجي على سبيل السياحة أو الزيارة العائلية فقط، وذلك دون الحاجة إلى عدة تأشيرات منفصلة لكل دولة.

وفيها يتحقق للمسافرين الاختيار من بين نوعين أساسين هما:

  • تأشيرة لدولة واحدة فقط.

  • تأشيرة متعددة الدخول (multi-country).

وعلى ذلك؛ فإن الغرض الأساسي من التأشيرة هو السياحة أو زيارة الأسرة فقط، ولا تشمل العمل أو الدراسة أو الإقامة الطويلة، وغالبًا ما تتراوح مدة الإقامة ما بين 30 إلى 90 يومًا خلال 6 أشهر من تاريخ صدور التأشيرة.

مزايا استخدام التأشيرة الخليجية الموحدة

هناك مجموعة من الفوائد التي تعود على المسافرين وأيضًا حكومات تلك الدول العربية، ومنها:

  • تسهيل الإجراءات للمسافرين العرب؛ فبدلًا من التقدم بطلبات الحصول على التأشيرات بشكل منفرد إلى كل دولة، يكفي التقديم لتأشيرة واحدة فقط، مما يوفر الوقت والمال والجهد في الحصول على التأشيرات.

  • تعزيز السياحة العربية في منطقة الخليج، وبالتالي يتمكن السياح من اكتشاف أكثر من دولة في زيارة واحدة، ما يرفع من إنفاقهم ويساهم في دعم قطاعي السياحة والضيافة.

  • دعم التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وهو ما يفتح الطريق أمام رجال الأعمال، والمستثمرين، والمهنيين لتوسيع حضورهم في الأسواق الخليجية المتعددة دون عناء الإجراءات الإدارية المتكررة.

  • أحد مزايا التأشيرة الخليجية الموحدة هي تعميق الروابط الاجتماعية والثقافية بين الشعوب العربية، وبالتالي تحقيق المزيد من التقارب بين المواطنين والمقيمين، ويعزز التواصل بين العائلات والأصدقاء عبر الحدود.

  • القضاء على العزلة الإدارية، حيث أن هذا النوع من التأشيرات يوفر إطارًا أكثر مرونة للدول الأعضاء في تبادل المعلومات وتنسيق السياسات المرتبطة بالأمن والهجرة، وهو ما قد يسهم في تعزيز الرقابة المشتركة.

تحديات ومعوقات تطبيق التأشيرة الموحدة في الخليج

على الرغم من وجود مزايا عديدة لتطبيق هذا النظام الخاص بالتأشيرات، إلا أنه مثل أي نظام مستحدث له بعض المعوقات التي تعتبر تحديًا أمام حكومات تلك الدول، ومن بين تلك المعوقات ما يلي:

  • الاختلاف بين الأنظمة الحكومية لكل دولة من الدول الست، حيث أن لكل دولة قوانينها وسياساتها الخاصة بالهجرة وتأمين حدودها، كما أن هناك تفاوت في الشروط الإجرائية واللوائح الأمنية وهو ما يطرح تحديًا كبيرًا أمام تلك الدول وبعضها.

  • الحفاظ على الأمن والخصوصية؛ حيث أن إصدار التأشيرة الخليجية الموحدة يتطلب تنسيقًا دقيقًا للبيانات بين الدول الأعضاء، مع الحفاظ على السرية التامة والامتثال للقوانين الدولية.

  • اختلاف قدرات البنية التحتية الرقمية لدى الدول فيما يتعلق بإدارة التأشيرات الإلكترونية، وهو ما يستدعي دعمًا مشتركًا لتطوير المنصات.

  • تحديد واضح لقيمة التمويل وتكاليف الإنفاق؛ حيث تحتاج الدول إلى الاتفاق على طريقة تقسيم التكاليف، وتحديد رسوم عادلة للمسافرين، بحيث لا تكون باهظة ولا تُحد من الإقبال.

خطوات التقديم للتأشيرة الخليجية الموحدة

يُتوقع خلال أواخر العام الحالي أن يتم إطلاق منصة رقمية موحدة لتلقي طلبات التأشيرات من الدول المختلفة، وهو ما سوف يساعد الراغبين في الحصول على هذا النوع من التأشيرات في إتمام الإجراءات دون عناء أو الحاجة إلى الذهاب إلى القنصليات والسفارات المختلفة.

كما أنه من المتوقع أن تكون إجراءات التقديم على التأشيرة الخليجية الموحدة هي نفس الإجراءات المعتادة في الحصول على التأشيرات الأخرى، مع إضافة بعض التعديلات، وبالتالي سوف تكون الإجراءات المبدئية على النحو التالي:

  • الدخول على الموقع الإلكتروني وإنشاء حساب.

  • تعبئة البيانات المطلوبة مثل الاسم، ورقم جواز السفر، والبريد الإلكتروني الخاص بكم.

  • رفع المستندات المطلوبة، ومن المتوقع أن تكون نسخة ضوئية من جواز السفر (صفحة البيانات والصورة الشخصية)، وصور شخصية بنفس مواصفات صورة جواز السفر.

  • تسديد رسوم التأشيرة عبر بوابات الدفع المتاحة.

  • توقيع طالب التأشيرة توقيعًا رقميًا.

  • أخيرًا؛ الانتظار حتى معالجة الطلب، واستلام صورة التأشيرة على بريدكم الإلكتروني؛ وذلك في حالة استيفاء شروط الحصول عليها وقبول إصدارها.

المستندات المطلوبة للتقديم على التأشيرة الخليجية الموحدة

يُطلب من الراغبين في التقديم للحصول على التأشيرات بصفة عامة مجموعة من المستندات الأساسية، بالإضافة إلى بعض المستندات المتعلقة بنوع التأشيرة المطلوبة، وعلى ذلك ننصح بتوفير مجموعة من المستندات لحين الإفصاح عن المستندات الخاصة بالحصول على التأشيرة السياحية الموحدة، وتتضح المستندات الأساسية في التالي:

  • جواز سفر ساري العمل به لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ الرجوع المتوقع.

  • تجهيز البيانات التي سوف يتم تعبئتها في الطلب على المنصة.

  • صور شخصية حديثة بنفس المواصفات المتعارف عليها في صورة جواز السفر.

  • تجهيز كشف حساب مصرفي لآخر ستة أشهر قبل التقدم للحصول على التأشيرة.

  • تجهيز وسيلة الدفع الإلكترونية لتسديد كافة الرسوم المطلوبة لرفع الطلب.

ختامًا؛ تُعدّ التأشيرة الخليجية الموحدة مشروعًا استراتيجيًا مهمًاا تجاه تحقيق تكامل أعمق بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أنها توحّد الجهد والموارد لتسهيل حركة السفر، وتنشيط السياحة، وتعزيز النشاط الاقتصادي والثقافي بين الدول الست.

ورغم وجود تحديات حقيقية على مستوى التشريع، والأمن، والتخطيط التقني لكل دولة على حدة، فإن التنظيم الصحيح من خلال لجان مشتركة، وبدء تجارب على نطاق ضيق على فئات معينة من المسافرين في بداية المشروع، ومنصة موحّدة فعّالة ؛ يمكن أن يجتاز هذه العوائق، وفي حال النجاح، ستتحقق خطوة فارقة نحو بناء سوق خليجية مشتركة أكثر انفتاحًا ورخاءً، تُظهر الوجه المشرق للتكامل والتناغم الإقليمي.